للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفرقة، مع علمه باختلاف العلماء في ذلك.

فإن بَدَرَتْه (١) إلى حاكمٍ يرى وجوبها فقد ضاقت عليه وجوه الحيل، ولم يبقَ له إلا حيلة واحدة، وهي دعواه أنها كانت بانتْ منه قبلَ ذلك بمدةٍ تزيد على انقضاء عدتها، وأنه نسي سببَ البينونة. وهذه الحيلة تدخل في قسم التوصُّل إلى الجائز بالمحظور، كما تقدم نظائره.

المثال الثاني والستون: اختلف الفقهاء في الضمان، هل هو تعدد لمحل الحق وقيامٌ للضمين (٢) مقام المضمون عنه أو هو استيثاقٌ بمنزلة الرهن؟ على قولين، وهما روايتان عن مالك، يظهر أثرهما في مطالبة الضامن مع التمكُّن من مطالبة المضمون عنه. فمن قال بالقول الأول ــ وهم الجمهور ــ قالوا: لصاحب الحق مطالبةُ من شاء منهما على السواء. ومن قال بالقول الثاني قال: ليس له مطالبةُ الضامن إلا (٣) إذا تعذَّر عليه (٤) مطالبة المضمون عنه.

واحتجَّ هؤلاء بثلاث حُجج:

إحداها: أن الضامن فرع، والمضمون عنه أصل، وقاعدة الشريعة أن الفروع والأبدال لا يُصار إليها إلا عند تعذُّر الأصول، كالتراب في الطهارة، والصوم في كفارة اليمين، وشاهد الفرع مع شاهد الأصل. وقد اطَّرد هذا في ولاية النكاح واستحقاق الميراث، لا يلي فرعٌ مع أصله ولا يرِث معه.


(١) أي سبقتْه المرأة.
(٢) ك، ب: «الضمين».
(٣) «إلّا» ليست في ك.
(٤) «عليه» ليست في ك.