للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فكيف تخرِّجون التعزير بالمائة على القياس؟

قيل: هذا من أسهل الأمور، فإن التعزير لا يتقدَّر بقدر معلوم، بل هو بحسب الجريمة في جنسه وصفتها وكبرها وصغرها. وعمر بن الخطاب قد تنوَّع تعزُيره في الخمر: فتارةً بحلق الرأس (١)، وتارةً بالنفي (٢)، وتارةً بزيادة أربعين سوطًا على الحدِّ الذي ضربه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر (٣)، وتارةً بتحريق حانوت الخمار (٤). وكذلك تعزير الغالِّ، وقد جاءت السنة بتحريق متاعه (٥).


(١) يُنظر: «المصنف» لعبد الرزاق (١٧٠٤٧)، و «أخبار المدينة» لعمر بن شبّة (٣/ ٢٤١)، و «مسند الفاروق» لابن كثير (٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
(٢) رواه النسائي (٥٦٧٦)، وفي «السنن الكبرى» (٥١٦٦) من طريق سعيد بن المسيب، وقال ابن كثير في مسند الفاروق (٢/ ٣٨٦): «هذا إسنادٌ جيّدٌ غريبٌ». ويُنظر: «المصنف» لعبد الرزاق (١٧٠٤٣، ١٧٠٤٤).
(٣) سيأتي تخريجه في (٢/ ٤١١).
(٤) رواه ابن وهب في «الجامع» (٦٢ - ٦٤)، وعبد الرزاق (١٠٠٥١، ١٧٠٣٥، ١٧٠٣٦، ١٧٠٣٩)، وأبو عبيد في «الأموال» (٢٦٧، ٢٨٧)، وابن زنجويه في «الأموال» (٤١٠)، وعمر بن شبّة في «أخبار المدينة» (١/ ٢٥٠)، والدولابي في «الكنى» (٢/ ٥٨٤).
(٥) رواه أحمد (١٤٤)، وأبو داود (٢٧١٣)، والترمذي (١٤٦١) من حديث عمر مرفوعا. قال علي ابن المديني: «هذا حديث منكر، يُنكره أصحاب الحديث». وقال الترمذي: «هذا حديثٌ غريبٌ». ثم نقل عن البخاري إعلاله بصالح بن محمد بن زائدة (وهو منكر الحديث)، وبأن أكثر الأحاديث ليس فيها إحراق متاع الغالّ. وأعلّه أيضًا أبو داود (٢٧١٤)، والبيهقي (٩/ ١٠٢). وأغرب الحاكم فصححه (٢/ ١٢٧ - ١٢٨).

ويُنظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (٤/ ٢٩١)، و «ترتيب العلل الكبير للترمذي» (٤٣١)، و «السنن الكبير» للبيهقي (٩/ ١٠٣)، و «معرفة السنن والآثار» له (٧/ ٤٤)، و «الأحاديث المختارة» للضياء المقدسي (١/ ٣١٠ - ٣١٢)، و «مسند الفاروق» لابن كثير (٢/ ٣٠٠ - ٣٠١)، و «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (٤/ ٦٠٣ - ٦٠٦)، و «فتح الباري» لابن حجر (٦/ ١٨٧).
ورواه أبو داود (٢٧١٥) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا، وصححه الحاكم (٢/ ١٣٠ - ١٣١)، مع أن في سنده زهير بن محمد التميمي، ورواية الشاميين عنه منكرة جدّا (وهذه منها)، وقد اضطرب في هذا الحديث، فكان يُسنده تارة، وأحيانًا يجعله من قول عمرو بن شعيب، وقد بيّن ذلك أبو داود.