للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموكّل إلى منزله ويدفع إليه حقه ثم يغلق عليه الباب ويمضي مع الوكيل، فإذا حلف أنه لا حقَّ لوكيله قِبَله حلف صادقًا، فإذا رجع إلى البيت فشأنه وشأن صاحب الحق.

وهذه شرٌّ من حيلة اليهود أصحاب الحيتان، وهذه وأمثالها إنما هي من حيل اللصوص وقُطَّاع الطريق، فما لدين الله ورسوله وإدخالها فيه؟ ولا يُجدِي عليه هذا الفعل في برِّه في اليمين شيئًا، بل هو حانثٌ كلَّ الحنث؛ إذ لم يتمكَّن صاحب الحق من الظفر بحقه، فهو في ذمة الحالف كما هو، وإنما يبرأ منه إذا تمكَّن صاحبه من قبضه وعدَّ نفسَه مستوفيًا لحقه.

وكذلك لو كان له عُروضٌ (١) للتجارة فأراد أن يُسقِط زكاتها، قالوا: فالحيلة أن ينوي بها القُنيةَ (٢) في آخر الحول يومًا أو أقلَّ، ثم ينقض هذه النية ويُعيدها (٣) للتجارة، فيستأنف [٨٣/ب] بها حولًا، ثم يفعل هكذا في آخر كل حولٍ، فلا تجب عليه زكاتها أبدًا.

فيا لله العجب! أيروج هذا الخداع والمكر والتلبيس على أحكم الحاكمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور؟ ثم إن هذه الحيلة كما هي مخادعة لله، ومكرٌ بدين الإسلام، فهي باطلة في نفسها، فإنها إنما تصير للقُنية إذا لم يكن من نيته إعادتها للتجارة، فأما وهو يعلم أنه لا يقتنيها البتةَ ولا له حاجة باقتنائها، وإنما أعدَّها للتجارة، فكيف تُتصوَّر منه النية الجازمة للقُنية وهو يعلم قطعًا أنه لا يقتنيها ولا يريد اقتناءها، وإنما هو مجرد


(١) ز: «عرض».
(٢) أي اتخاذها لنفسه لا للتجارة.
(٣) ز: «يعتدها».