للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال محمد بن الهيثم (١): سمعت أبا عبد الله ــ يعني أحمد بن حنبل ــ يحكي عن محمد بن مقاتل (٢) قال: شهدتُ هشامًا وهو يُقرئ كتابًا، فانتهى بيده إلى مسألة فجازها، فقيل له في ذلك، فقال: دعوه، وكره مكاني، فتطلعتُ في الكتاب، فإذا فيه: لو أن رجلًا لفَّ على ذكر فرجِه (٣) حريرةً في شهر رمضان ثم جامع امرأته نهارًا فلا قضاء عليه ولا كفارة.

فصل

ومما يدلّ على بطلان الحيل وتحريمها أن الله سبحانه إنما أوجب الواجبات وحرَّم المحرمات لما تتضمن من مصالح عباده في معاشهم ومعادهم؛ فالشريعة لقلوبهم بمنزلة الغذاء الذي لا بدّ لهم منه والدواء الذي لا يندفع الداء إلا به، فإذا احتال العبد على تحليل ما حرَّم الله وإسقاطِ ما فرض الله وتعطيلِ ما شرع الله كان ساعيًا في دين الله بالفساد من وجوه:

أحدها: إبطاله ما في الأمر المحتال عليه من حكمة الشارع، ونقضُ حكمته فيه، ومناقضتُه له.

والثاني: أن الأمر المحتال به ليس له عنده حقيقة، ولا هو مقصوده، وهو ظاهر المشروع؛ فالمشروع ليس مقصودًا له، والمقصود له هو المحرَّم نفسه، وهذا ظاهرٌ كلَّ الظهور فيما قصد الشارع؛ فإن المرابي مثلًا مقصوده


(١) لم أجد هذه الرواية في مصدر آخر.
(٢) ز: «مقاتل بن محمد». والمثبت من د، وهو الصواب. انظر ترجمته في «تاريخ بغداد» (٣/ ٢٧٥).
(٣) كذا في النسختين، وفي المطبوع: «ذكره».