للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح أنه لا عبرةَ بأقواله من طلاق، ولا عتاق، ولا بيع، [١٥٠/ب] ولا هبة، ولا وقف، ولا إسلام، ولا ردّة، ولا إقرار؛ لبضعة عشر دليلًا ليس هذا موضع ذكرها (١)، ويكفي منها قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣]، وأمرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - باستنكاه ماعز لما أقرَّ بالزنا بين يديه، وعدمُ أمرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة بتجديد إسلامه لما قال في سكره: «أنتم عبيد لآبائي»، وفتوى عثمان وابن عباس، ولم يخالفهما أحد من الصحابة، والقياس الصحيح المحض على زائل العقل بدواء أو بَنْجٍ أو مسكر هو فيه معذور، ومقتضى قواعد الشريعة؛ فإن السكران لا قصدَ له؛ فهو أولى بعدم المؤاخذة من اللاغي ومَن جَرى اللفظُ على لسانه من غير قصدٍ له. وقد صرَّح أصحاب أبي حنيفة بأنه لا يقع طلاق الموسوس، وقالوا: لا يقع طلاق المعتوه، وهو من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التدبير، إلا أنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعل المجنون.

فصل

المخرج الثاني: أن يطلِّق أو يحلف في حال غضب شديد قد حال بينه وبين كمال قصده وتصوره؛ فهذا لا يقع طلاقه ولا عتقُه ولا وقفُه، ولو بَدرتْ منه كلمة الكفر في هذا الحال لم يكفر، وهذا نوع من الغلق والإغلاق الذي منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوعَ الطلاق والعتاق فيه، نصَّ على ذلك الإمام أحمد وغيره.

قال أبو بكر عبد العزيز في كتاب «زاد المسافر» له: باب في الإغلاق


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٠٦ - ١٠٩) و «زاد المعاد» (٥/ ١٩٠ - ١٩٥).