للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنه لا يستجيبه لعلمه بأن الداعي لم يقصده.

ومن هذا رفعُه - صلى الله عليه وسلم - حكم الطلاق عمن طلَّق في إغلاق (١). وقال الإمام أحمد في رواية حنبل: هو الغضب (٢)، وبذلك فسَّره أبو داود (٣)، وهو قول القاضي إسماعيل بن إسحاق أحد أئمة المالكية ومقدَّم فقهاء أهل العراق منهم، وهي عنده من لغو اليمين أيضًا، فأدخل يمين الغضبان في لغو اليمين وفي يمين الإغلاق، وحكاه شارح «أحكام» عبد الحق [١٨/أ] عنه، وهو ابن بَزِيْزة الأندلسي، قال: وهذا قول علي وابن عباس (٤) وغيرهما من الصحابة إن الأيمان المنعقدة كلها في حال الغضب لا تلزم. وفي «سنن الدارقطني» (٥) بإسناد فيه لين من حديث ابن عباس يرفعه: «لا يمينَ في غضب، ولا عتاقَ فيما لا يملك». وهو وإن لم يثبت رفعه فهو قول ابن عباس (٦)، وقد فسَّر الشافعي


(١) أخرجه أحمد (٢٦٣٦٠) وأبو داود (٢١٩٣) وابن ماجه (٢٠٤٦) من حديث عائشة، وفيه محمد بن عبيد بن أبي صالح المكي ضعيف. وانظر: «تنقيح التحقيق» (٤/ ٤٠٨ - ٤٠٩) و «البدر المنير» (٨/ ٨٤ - ٨٦).
(٢) انظر: «الفروع» لابن مفلح (٩/ ١١).
(٣) عقب الحديث (٢١٩٣)، ولفظه: الغِلاق أظنه في الغضب.
(٤) انظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ١٣٧).
(٥) رقم (٤٣١٩). وفي إسناده سليمان بن أبي سليمان متكلم فيه، وبه أعلَّه ابن عبد الهادي وضعَّفه في «التنقيح» (٥/ ٥٣).
(٦) رواه سعيد بن منصور (٧٨٢ - التفسير) والطبري في «تفسيره» (٤/ ٢٦) وابن أبي حاتم (٤/ ١١٩١)، وكذلك ابن المنذر في «الأوسط» (١٢/ ١٧٥) والبيهقي في «الكبرى» (١٠/ ٤٩) كلاهما من طريق سعيد بن منصور.