للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قائمة على الفريقين، وليس لأحدٍ منهما حجة صحيحة عليهم، بل كلُّ حجة صحيحة احتج بها الموقعون فإنما تدلُّ على الوقوع في صورة التعليق المقصود، وكلُّ حجة احتج بها المانعون صحيحة فإنما تدلُّ على عدم الوقوع في صورة التعليق القسمي، فهم قائلون بمجموع حجج الطائفتين، وجامعون للحق الذي مع الفريقين، ومعارضون قولَ كلٍّ من الفريقين وحججَهم بقول الفريق الآخر وحججِهم.

فصل

المخرج التاسع: أخْذُه بقول من يقول: إن الطلاق المعلَّق بالشرط لا يقع، ولا يصح تعليق الطلاق كما لا يصح تعليق النكاح. وهذا اختيار أبي عبد الرحمن أحمد بن يحيى بن عبد العزيز الشافعي أحد أصحاب الشافعي الجِلَّة أو أجلّهم، وكان الشافعي يُكرِمه ويُجِلُّه ويَكْنِيه ويعظِّمه وأبا ثورٍ، وكانا يكرمانه، وكان بصره ضعيفًا، فكان الشافعي يقول: لا تدفعوا إلى أبي عبد الرحمن الكتابَ يعارض به فإنه يخطئ (١). وذكره أبو إسحاق الشيرازي في طبقات أصحاب الشافعي (٢)، ومحلُّ الرجل من العلم والتضلُّع (٣) منه لا يُدفَع، وهو في العلم بمنزلة أبي ثور وتلك الطبقة، وكان رفيقَ أبي ثور، وهو أجلُّ من جميع أصحاب الوجوه من المنتسبين إلى الشافعي، فإذا نُزِلَ بطبقته إلى طبقة أصحاب الوجوه كان قوله وجهًا، وهو أقلُّ درجاته.

وهذا مذهب لم ينفرد به، بل قد قال به غيره من أهل العلم، قال أبو


(١) انظر: «تاريخ بغداد» (٥/ ٢٠٠).
(٢) من كتابه «طبقات الفقهاء» (ص ١٠٢).
(٣) في النسخ: «والتظلع»، خطأ.