للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد ابن حزم في «المحلَّى» (١): والطلاق بالصفة عندنا كما هو الطلاق باليمين، كل ذلك لا يلزم وبالله التوفيق، ولا يكون طلاقًا إلا كما أمر الله عز وجل وعلَّمه، وما عداه فباطلٌ وتعدٍّ لحدود الله عز وجل.

وهذا القول وإن لم يكن قويًّا في النظر فإن الموقعين للطلاق لا يُمكِنهم إبطالُه البتةَ لتناقضهم، فإن أصحابه يقولون لهم: قولنا في تعليق الطلاق بالشرط كقولكم في تعليق الإبراء والهبة والوقف والبيع والنكاح سواء، فلا يمكنكم (٢) البتةَ أن تفرِّقوا بين ما صحَّ تعليقه من عقود التبرُّعات والمعاوضات والإسقاطات بالشروط وما لا يصحُّ تعليقه، فلا تُبطِلوا قول منازعيكم في صحة تعليق الطلاق بالشرط بشيء إلا كان هو بعينه حجةً عليكم في إبطال قولكم في منع صحة تعليق الإبراء والهبة والوقف والنكاح، فما الذي أوجب إلغاءَ هذا التعليق وصحةَ ذلك التعليق؟

فإن فرَّقتم بالمعاوضة وقلتم: «إن عقود المعاوضات لا تقبل التعليق بخلاف غيرها» انتقض عليكم طردًا بالجِعالة (٣) وعكسًا بالهبة والوقف؛ فانتقض عليكم [١٦٨/أ] الفرق طردًا وعكسًا.

وإن فرَّقتم بالتمليك والإسقاط فقلتم: «عقود التمليك لا تقبل التعليق، بخلاف عقود الإسقاط» انتقض أيضًا طرده بالوصية، وعكسه بالإبراء؛ فلا طرد ولا عكس.


(١) (١٠/ ٢١٣).
(٢) ك، ب: «فلا يمكنهم».
(٣) ما يُجعل على العمل من أجر.