للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تصلُّوا إليها» (١). وهذا حديث صحيح، والذي قاله هو النبي الذي صلّى على القبر؛ فهذا قوله وهذا فعله، ولا يناقض أحدهما الآخر؛ فإن الصلاة المنهي عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر؛ فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختصُّ بمكان، بل فعلُها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه (٢)؛ فالصلاة عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه (٣)، فإنه المقصود بالصلاة في الموضعين، ولا فرق بين كونه على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها، بخلاف سائر الصلوات؛ فإنها لم تُشرع في القبور ولا إليها؛ لأنها ذريعة إلى اتخاذها مساجد، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك (٤)، فأين ما لَعن فاعله وحذَّر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق كما قال: «إن من شرار الناس من تُدرِكهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» (٥) إلى ما فعله - صلى الله عليه وسلم - مرارًا متكررةً؟ وبالله التوفيق.

المثال الثامن والأربعون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في النهي عن الجلوس على فراش [٩٩/ب] الحرير، كما في «صحيح البخاري» (٦) من حديث حذيفة: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن


(١) رواه مسلم (٩٧٢).
(٢) رواه البخاري (١٢٤٥) ومسلم (٩٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) ت: «نفسه» تصحيف.
(٤) رواه البخاري (٤٣٧) ومسلم (٥٣٠) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) رواه أحمد (٣٨٤٤) والبزار (١٧٢٤) والطبراني (١٠٤١٣)، وصححه ابن خزيمة (٧٨٩) وابن حبان (٢٣٢٥)، وجوّد إسناده ابن تيمية في «الاقتضاء» (٢/ ١٨٦)، وحسنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ٢٧).
(٦) رقم (٥٨٣٧).