للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نأكل فيها، وعن الحرير والديباج، وأن نجلس عليه»، وقال: «هو لهم في الدنيا ولنا في الآخرة» (١). ولو لم يأتِ هذا النص لكان النهي عن لبسه متناولًا لافتراشه كما هو متناول للالتحاف به، وذلك لُبسٌ لغة وشرعًا، كما قال أنس: «قمتُ إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما لُبِس» (٢)، ولو لم يأت اللفظ العام المتناول لافتراشه بالنهي لكان القياس المحض موجبًا لتحريمه، إما قياس المثل أو قياس الأولى؛ فقد دل على تحريم الافتراش النص الخاص واللفظ العام والقياس الصحيح، ولا يجوز ردُّ ذلك كله بالمتشابه من قوله: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩]، ومن القياس على ما إذا كان الحرير بِطانةَ الفراش دون ظِهارته؛ فإن الحكم في ذلك التحريم على أصح القولين، والفرق على القول الآخر مباشرة الحرير وعدمها كحَشْو الفراش به (٣)؛ فإن صح الفرق بطل القياس، وإن بطل الفرق منع الحكم. وقد تمسَّك (٤) بعموم النهي عن افتراش الحرير طائفة من الفقهاء فحرموه على الرجال والنساء، وهذه طريقة الخراسانيين من أصحاب الشافعي، وقابلَهم من أباحه للنوعين (٥)، والصواب التفصيل وأن من أُبيح له لبسه أبيح له افتراشه ومن حُرِّم عليه حرم عليه، وهذا (٦) قول الأكثرين، وهي طريقة العراقيين من الشافعية.


(١) رواه البخاري (٥٦٣٢) ومسلم (٢٠٦٧) من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٣٨٠) ومسلم (٦٥٨).
(٣) «به» ليست في ع.
(٤) ت: «تمثل».
(٥) ت: «إباحة النوعين».
(٦) ت: «وهو».