للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن تناولها لجميع أحكام المكلَّفين وأنها (١) أحالت على القياس. ثم قالت غلاتهم: أحالت عليه أكثرَ الأحكام، وقال متوسطوهم: بل أحالت عليه كثيرًا من الأحكام لا سبيل إلى إثباتها (٢) إلا به.

والصواب وراء ما عليه الفرق الثلاث، وهو أن النصوص محيطة بأحكام الحوادث، ولم يُحِلْنا الله ولا رسوله على رأي ولا قياس، بل قد بيَّن الأحكام كلَّها، والنصوص كافية وافية بها. والقياس الصحيح حقٌّ مطابقٌ للنصوص، فهما دليلان: الكتاب والميزان. وقد تخفى دلالة النص، أو لا تبلغ العالِمَ فيعدل إلى القياس. ثم قد يظهر موافقًا للنصِّ فيكون قياسًا صحيحًا، وقد يظهر مخالفًا له، فيكون فاسدًا. وفي نفس الأمر لا بد من موافقته أو مخالفته، ولكن عند المجتهد قد تخفى موافقته أو مخالفته (٣).

فصل (٤)

وكلُّ فرقة من هؤلاء (٥) الفرق الثلاث سدُّوا على نفوسهم (٦) طريقًا من طرُق الحق، فاضطُرُّوا إلى توسعة طريق أخرى أكثر مما تحتمله. فنفاة القياس لما سدُّوا على نفوسهم باب التمثيل والتعليل واعتبار الحِكَم والمصالح ــ وهو [٢٠٤/أ] من الميزان والقسط الذي أنزله الله ــ احتاجوا إلى


(١) يعني: وزعمتا أن النصوص ...
(٢) ت: «بيانها».
(٣) «ولكن عند المجتهد ... » إلى هنا ساقط من ع.
(٤) انظر: «جامع المسائل» (٢/ ٢٨١ وما بعدها).
(٥) ع: «هذه»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٦) ع: «أنفسهم»، وكذا في النسخ المطبوعة.