للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توسعة الظاهر والاستصحاب، فحمَّلوهما فوق الحاجة ووسَّعوهما أكثر مما يسَعانه. فحيث فهموا من النص حكمًا أثبتوه ولم يبالوا بما وراءه، وحيث لم يفهموه (١) منه نفَوه، وحمَّلوه الاستصحابَ (٢). وأحسنوا في اعتنائهم بالنصوص ونصرها، والمحافظة عليها، وعدم تقديم غيرها عليها من رأي أو قياس أو تقليد. وأحسنوا في ردِّ الأقيسة الباطلة، وبيانهم تناقضَ أهلها في نفس القياس وتركِهم له، وأخذِهم بقياسٍ وتركِهم ما هو أولى منه. ولكن أخطؤوا من أربعة أوجه (٣):

أحدها: ردُّ القياس الصحيح، ولا سيما المنصوص على علّته التي يجري النصُّ عليها مجرى التنصيص على التعميم باللفظ. ولا يتوقَّف عاقل في أنَّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَن (٤) لعن عبدَ الله حمارًا على كثرة شربه للخمر: «لا تلعنه، فإنه يحبُ الله ورسوله» (٥) بمنزلة قوله: لا تلعنوا كلَّ من يحبُّ الله ورسوله، وفي أنَّ قوله: «إن الله ورسوله ينهاكم (٦) عن لحوم الحُمُر، فإنها رجس» (٧)


(١) في النسخ المطبوعة: «لم يفهموا».
(٢) في «جامع المسائل» (٢/ ٢٨١): « ... وأثبتوا الأمر على موجب الاستصحاب». وفي ف: «وحملوا الاستصحاب»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) في «جامع المسائل»: «ثلاثة أوجه». وهي الثلاث الأولى هنا.
(٤) في النسخ المطبوعة: «لما»، وهو خطأ.
(٥) أخرجه البخاري (٦٧٨٠) من حديث عمر - رضي الله عنه -.
(٦) في النسخ المطبوعة: «ينهيانكم» بالتثنية، وهو لفظ البخاري ومسلم. وفي النسخ الخطية كما أثبت بالإفراد. وهو لفظ النسائي (٦٩، ٤٣٤٠) و «مصنف ابن أبي شيبة» (٢٤٣٣١). يعني: إن الله ينهاكم ورسوله. كما قال تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}.
(٧) أخرجه البخاري (٤١٩٨) ومسلم (١٩٤٠) من حديث أنس - رضي الله عنه -.