للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنكولها، وهكذا في القسامة إنما يُقبَل فيها باللوث الظاهر والأيمان المتعدّدة المغلَّظة، وهاتان بيِّنتا هذين الموضعين. والبيناتُ تختلف بحسب أحوال المشهود به كما تقدم بأربعة شهود، وثلاثة، بالنص وإن خالفه من خالفه في بينة الإعسار، واثنان، وواحد ويمين، ورجل وامرأتان، ورجل واحد، وامرأة واحدة، وأربعة أيمان، وخمسون يمينًا، ونكول وشهادة الحال، ووصف المالك اللقطة، وقيام (١) القرائن، والشَّبه الذي يخبر به القائف، ومعاقد القِمْط، ووجوه الآجُرِّ في الحائط، وكونه معقودًا ببناء أحدهما عند من يقول بذلك؛ فالقسامة مع اللَّوث من أقوى البينات.

المثال الثالث والعشرون: ردّ السنة الثابتة المحكمة في النهي عن بيع الرطب بالتمر (٢)، بالمتشابه من قوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥]، وبالمتشابه من قياسٍ في غاية الفساد، وهو قولهم: الرطب والتمر إما أن يكونا جنسين وإما أن يكون جنسًا واحدًا، وعلى التقديرين فلا يُمنع بيع (٣) أحدهما بالآخر، وأنت إذا نظرتَ إلى هذا القياس رأيته مصادمًا للسنة أعظمَ مصادمةٍ، ومع أنه فاسد [٨١/أ] في نفسه، بل هما جنس واحد أحدهما أزيدُ من الآخر قطعًا بلِينَتِه، فهو أزيدُ أجزاءً من الآخر بزيادة لا يمكن فصلها وتمييزها، ولا يمكن أن يُجعل في مقابلة تلك الأجزاء من الرطب ما يتساويان به (٤) عند الكمال؛ إذ هو ظنٌّ وحُسبان، فكان المنع من بيع أحدهما


(١) «قيام» ساقطة من ت، ع.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ع: «مع».
(٤) ع: «منه».