للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والابتذال. وأما إماءُ التسرِّي اللاتي جرت العادة بصَونهن وحجبهن، فأين أباح الله ورسوله لهن أن يكشفن وجوههن في [٢٨٣/ب] الأسواق والطرقات ومجامع الناس، وأذِنَ للرجال بالتمتُّع (١) بالنظر إليهن؟ فهذا غلط محض على الشريعة. وأكَّد هذا الغلطَ أن بعض الفقهاء سمع قولهم: إن الحرة كلَّها عورة إلا وجهها وكفيها، وعورة الأمة ما لا يظهر غالبًا كالبطن والظهر والساق؛ فظنَّ أن ما يظهر غالبًا حكمُه حكمُ وجه الرجل. وهذا إنما هو في الصلاة، لا في النظر؛ فإن العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر (٢)، فالحرَّةُ لها أن تصلِّي مكشوفةَ الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس (٣) كذلك. والله أعلم.

فصل

وأما قطعُ يد السارق في ثلاثة دراهم، وتركُ قطع المختلس والمنتهب والغاصب؛ فمن تمام حكمة الشارع أيضًا. فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه، فإنه ينقُب الدورَ، ويهتِك الحِرزَ، ويكسر القفل؛ ولا يمكن صاحبَ المتاع الاحترازُ بأكثر من ذلك. فلو لم يُشَرع قطعُه لسرَق الناس بعضُهم بعضًا، وعظم الضرر، واشتدَّت المحنة بالسُرَّاق؛ بخلاف المنتهب والمختلس، فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرةً بمرأًى من الناس، فيمكنهم أن يأخذوا على يديه، ويخلِّصوا حقَّ المظلوم، أو يشهدوا له عند الحاكم. وأما المختلِس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلةٍ من مالكه


(١) في النسخ المطبوعة: «في التمتع».
(٢) في النسخ المطبوعة: «في النظر وعورة في الصلاة».
(٣) ت: «الرجال».