للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الربيع بن أنس: {أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} قال: ذلك المؤمن، ضُرِبَ مثلُه في الإخلاص لله وحده وعبادته وحده لا شريك له. {أَصْلُهَا ثَابِتٌ}، قال: أصلُ عمله ثابت في الأرض. {وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ}، قال: ذكرُه في السماء (١).

ولا اختلاف بين القولين. فالمقصود (٢) بالمثل: المؤمن، والنخلة مشبَّهة به، وهو مشبَّه بها. وإذا كانت النخلة شجرة طيبة، فالمؤمن المشبَّه بها أولى أن يكون كذلك. ومن قال من السلف: إنها شجرة في الجنة، فالنخلة من أشرف أشجار الجنة.

وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به، ويقتضيه علمُ الذي تكلَّم به وحكمتُه.

فمن ذلك: أن الشجرة لا بدّ لها من عروق وساق وفروع (٣) وورق وثمر، فكذلك شجرة الإيمان والإسلام، ليطابق المشبَّهُ المشبَّهَ به. فعروقها العلم والمعرفة واليقين، وساقها الإخلاص، وفروعها الأعمال، وثمرتها ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة، والصفات [١٠٢/أ] الممدوحة، والأخلاق الزكية، والسَّمْت الصالح، والهَدْي والدَّلِّ المرضيّ (٤). فيستدلُّ على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور. فإذا كان العلم صحيحًا مطابقًا لمعلومه الذي أنزل الله كتابه به، والاعتقادُ مطابقًا لما أخبر به


(١) رواه ابن جرير في "جامع البيان" (١٣/ ٦٣٦).
(٢) في المطبوع: "فإن المقصود".
(٣) "وساق وفروع" ساقط من ع.
(٤) س: "الرضي". وفي ت: "والذل والرضى"، تحريف.