للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال تاسع عشر: أعجبُ من هذا أنكم إذا (١) أخذتم بالحديث (٢) مرسلًا كان أو مسندًا لموافقته رأيَ صاحبكم، ثم وجدتم فيه حكمًا يخالف رأيه لم تأخذوا به في ذلك الحكم، وهو حديث واحد، وكأنّ الحديث حجة فيما وافق رأيَ من قلّدتموه، وليس بحجة فيما خالف رأيه.

ولنذكر من هذا طرفًا (٣) فإنه من عجيب (٤) أمرهم:

فاحتج طائفة منهم على سلب طهورية الماء المستعمل في رفع الحدث بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -[١٧/ب] نهى أن يتوضأَ الرجلُ بفضلِ وضوء المرأةِ أو المرأةُ (٥) بفضلِ وضوءِ الرجلِ (٦). وقالوا: الماء المنفصل عن أعضائهما هو فضل وضوئهما. وخالفوا نفس الحديث؛ فجوَّزوا لكلٍّ منهما أن يتوضأ بفضل طَهور (٧) الآخر، وهو المقصود بالحديث، فإنه نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة إذا خلَتْ بالماء، وليس عندهم للخلوة أثر، ولا لكون


(١) «إذا» ساقطة من ت.
(٢) ع: «وجدتم الحديث».
(٣) جميع هذه الأمثلة مأخوذة من كتاب «الإعراب عن الحيرة والالتباس الموجودين في مذاهب أهل الرأي والقياس» لابن حزم (ص ٣٥٤ - ٥٧٢).
(٤) ت: «أعجب».
(٥) ت: «والمرأة».
(٦) رواه أبو داود (٨١) ورواه النسائي (٣٤٣) والترمذي (٦٤) وابن ماجه (٣٧٣) وأحمد (٢٠٦٥٧) من حديث الحكم بن عمرو الغفاري، وصححه ابن حبان (١٢٦٠) والحميدي الأندلسي. انظر: «التنقيح» (١/ ٤٣) و «صحيح أبي داود» - الأم (١/ ١٤١).
(٧) ع: «وضوء».