للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن تجاوز تجاوز الله عنه. ومن استقصى استقصى الله عليه (١).

فهذا شرع الله وقدره ووحيه وثوابه وعقابه= كلُّه قائم بهذا الأصل، وهو إلحاق النظير بالنظير، واعتبار المثل بالمثل.

ولهذا يذكر الشارع العلل والأوصاف المؤثِّرة والمعاني المعتبَرة في الأحكام القدرية والشرعية والجزائية، ليدلَّ بذلك على تعلُّقِ الحكم بها أين وُجِدت، واقتضائها لأحكامها، وعدمِ تخلُّفِها عنها إلا لمانعٍ يُعارض اقتضاءها، ويُوجب تخلُّفَ آثارها عنها، كقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأنفال: ١٣]، وقوله: {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} (٢) [غافر: ١٢]، {ذَلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [الجاثية: ٣٥]، {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر: ٧٥]، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: ٢٨]، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا [١١٧/أ] لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ} [محمد: ٢٦]، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: ٢٣].

وقد جاء التعليل في الكتاب العزيز (٣) بالباء تارة، وباللام تارة، وبأن تارة، وبمجموعهما (٤) تارة، وبـ"كي" تارة، و"من أجل" تارة، وترتيبِ الجزاء


(١) "مفتاح دار السعادة" (٢/ ٨٢٦).
(٢) زاد في ع: {وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا}. وكذا في النسخ المطبوعة.
(٣) وانظر: "الداء والدواء" (ص ٣١ - ٣٤) و"مفتاح دار السعادة" (٢/ ٩١٣ - ٩١٥) و"مدارج السالكين" (٣/ ٤٦١) و"شفاء العليل" (ص ١٨٨ - ١٩٨).
(٤) ع: "وبمجموعها". وكذا في المطبوع، وهو تصحيف.