للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الخفين على طهارة التيمم، ونظائرُ ذلك (١).

الثالث: أن هذا لو ساغ لصار الناس كلُّهم مفتين، إذ ليس هذا بجواز تقليد المفتي أولى من غيره. وبالله التوفيق.

الفائدة السابعة والعشرون: يجوز للمفتي أن يفتي أباه وابنه وشريكه ومن لا تقبل شهادته له؛ وإن لم يجز أن يشهد له، ولا يقضي له. والفرق بينهما أن الإفتاء يجري مجرى الرواية، فكأنه حكم عامٌّ، بخلاف الشهادة والحكم فإنه يخصُّ المشهودَ له والمحكومَ له. ولهذا يدخل الراوي في حكم الحديث الذي يرويه، ويدخل في حكم الفتوى التي يفتي بها، ولكن لا يجوز له أن يحابي من يفتيه (٢) فيفتي أباه أو ابنه أو صديقه بشيء، ويفتي غيرهم بضدِّه محاباةً. بل هذا يقدح في عدالته، إلا أن يكون ثَمَّ سببٌ يقتضي التخصيص غير المحاباة. ومثال هذا: أن يكون في المسألة قولان: قول بالمنع وقول بالإباحة، فيفتي ابنه وصديقه بقول الإباحة، والأجنبيَّ بقول المنع.

فإن قيل: فهل (٣) يجوز له أن يفتي نفسه؟

قيل: نعم، إذا كان له أن يفتي غيره. وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «استفتِ قلبَك ... وإن أفتاك المفتون» (٤). فيجوز له أن يفتي نفسه بما يفتي به غيره، ولا يجوز


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «كثيرة»!
(٢) في النسخ الخطية: «نفسه»، والمثبت من النسخ المطبوعة.
(٣) في النسخ المطبوعة: «هل».
(٤) رواه بهذا اللفظ أحمد (١٨٠٠١، ١٨٠٠٦)، والدارمي (٢٥٧٥)، وأبو يعلى (١٥٨٦، ١٥٨٧) من حديث وابصة بن معبد. وفيه الزبير أبو عبد السلام، ضعيف، ولعله هو الذي كذبه الدارقطني، لم يسمع من أيوب بن عبد الله بن مكرز الراوي عن وابصة كما جاء مصرَّحًا عند أحمد (١٨٠٠٦)، وعند ابن المنذر في «الأوسط»: «حدثني أصحاب أيوب ... عن أيوب». انظر: تعليق محققي «المسند». وله شاهد صحيح رواه أحمد (١٧٧٤٢)، والطبراني (٢٢/ ٢١٩) من حديث أبي ثعلبة الخشني.