للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبحانه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بالعربية التي يفهمها العرب من لسانها، فإذا نصَّ سبحانه في كتابه أو نصَّ رسولُه على اسم من الأسماء وعلَّق عليه حكمًا من الأحكام وجب أن لا يوقَع ذلك الحكمُ إلا على ما اقتضاه ذلك الاسم، ولا يتعدَّى به الوضع الذي وضعه الله ورسوله فيه، ولا يخرج عن ذلك الحكم شيء مما يقتضيه الاسم. فالزيادة على ذلك زيادة في الدين، والنقص منه نقص من الدين. فالأول القياس، والثاني التخصيص الباطل، وكلاهما ليس من الدين (١). ومن لم يقف مع النصوص فإنه تارة يزيد في النص (٢) ما ليس منه، ويقول: هذا قياس. ومرةً ينقص منه بعضَ ما يقتضيه، ويُخرجه عن حكمه، ويقول: هذا تخصيص. ومرة يترك النصَّ جملةً، ويقول: [١٤٨/أ] ليس العمل عليه، أو يقول: هذا خلاف القياس، أو خلاف الأصول (٣).

قالوا: ولو كان القياس من الدين لكان أهله أتبعَ الناس للأحاديث، وكان كلَّما توغَّل فيه الرجل كان أشدَّ اتباعًا للأحاديث والآثار.

قالوا: ونحن نرى أن كلما اشتدَّ توغُّلُ الرجل فيه اشتدت مخالفته للسنن، ولا نرى خلاف السنن والآثار إلا عند أصحاب الرأي والقياس. فللّه كم من سنّةٍ صحيحة صريحة قد عُطِّلت به! وكم من أثرٍ درَسَ حكمُه بسببه! فالسننُ والآثارُ عند الآرائيين القيَّاسين (٤) خاويةٌ على عروشها، معطلةٌ


(١) ت: "في الدين"، وكذا في النسخ المطبوعة. والجملة "والنقص ... الدين" ساقطة من ع.
(٢) ح، ف: "بالنص".
(٣) قارن هذه الفقرة في الاستدلال بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ} الآية، بكتاب "الإحكام" (٨/ ٢٠ - ٢١).
(٤) ع: "القياسة"، فإن صح فهو كالخيّالة. وفي ت: "والقياسين". وفي النسخ المطبوعة: "والقياسيين".