للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسامِحْ ولا تنكِرْ عليها وخَلِّها ... وإن أنكرت حقًّا فقُلْ خَلِّ ذا ليا (١)

غيره (٢):

عاب التفقُّهَ قومٌ لا عقول لهم ... وما عليه إذا عابوه من ضَرَرِ

ما ضرَّ شمسَ الضحى والشمسُ طالعةٌ ... أن لا يرى ضوءَها مَن ليس ذا بَصَرِ (٣)

فصل

وأما إيجابه لغسل المواضع التي لم تخرج منها الريح، وإسقاطه غسل الموضع الذي خرجت منه، فما أوفقه للحكمة، وما أشدَّه مطابقةً للفطرة! فإن حاصل السؤال: لم كان الوضوء في هذه الأعضاء الظاهرة دون باطن المقعدة، [٢٩٣/أ] مع أن باطن المقعدة أولى بالوضوء من الوجه واليدين والرجلين؟ وهذا سؤال معكوس، من قلب منكوس (٤)؛ فإن من محاسن الشريعة أن كان الوضوء في الأعضاء الظاهرة المكشوفة، وكان أحقُّها به إمامَها ومقدَّمَها في الذكر والفعل، وهو الوجه الذي نظافته ووضاءته عنوان على نظافة القلب. وبعده اليدان، وهما آلة البطش والتناول والأخذ، فهما أحقُّ الأعضاء بالنظافة والنزاهة بعد الوجه. ولما كان الرأسُ مجمعَ الحواسِّ وأعلى البدن وأشرفَه كان أحقَّ بالنظافة، لكن لو شَرَع غسلَه في الوضوء


(١) البيتان مع خلاف في اللفظ من قصيدة في «مدارج السالكين» (٣/ ٣٣) يبدو أنها للمؤلف نفسه. والبيت الأول في «زاد المعاد» (٣/ ٣٧) أيضًا.
(٢) «غيره» من ت وحدها.
(٣) البيتان لمنصور الفقيه في «شعره» (ص ١٠٣).
(٤) «من قلب منكوس» ساقط من ع.