للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان لا يُسكِر، إذ قليلُه داعٍ إلى كثيره. ولهذا كان من أباح من نبيذ التمر المسكِر القدرَ الذي لا يُسكِر خارجًا عن محض القياس والحكمة وموجب النصوص.

وأيضًا فالمفسدةُ التي في شُربِ الخمر والضررُ المختصُّ والمتعدِّي أضعافُ الضرر والمفسدة التي في شرب [٢٩٨/ب] البول وأكل القاذورات، فإن ضررها مختصُّ بمتناوِلها.

فصل

وأما قوله: «وقصَر عددَ المنكوحات على أربع، وأباح ملك اليمين بغير حصر»، فهذا من تمام نعمته وكمال شريعته، وموافقتها للحكمة والرحمة والمصلحة. فإن النكاح يراد للوطء وقضاء الوطر، ثم من الناس من يغلب عليه سلطان هذه الشهوة فلا تندفع حاجته بواحدة، فأطلق له ثانية وثالثة ورابعة. وكان هذا العدد موافقًا لعدد طباعه وأركانه، وعدد فصول سنته، ولرجوعه إلى الواحدة بعد صبر ثلاث عنها. والثلاث أول مراتب الجمع، وقد علَّق الشارع بها عدَّة أحكام، ورخَّص للمهاجر أن يقيم بعد قضاء نسكه (١) ثلاثًا (٢)، وأباح للمسافر أن يمسح على خفيه ثلاثًا (٣)، وجعل حدَّ


(١) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «بمكة».
(٢) أخرجه البخاري (٣٩٣٣) ومسلم (١٣٥٣) من حديث العلاء بن الحضرمي.
(٣) رواه أحمد (١٨٠٩١، ١٨٠٩٣ - ١٨٠٩٥، ١٨٠٩٧)، والترمذي (٩٦) ــ وصححه ــ، وابن ماجه (٤٧٨)، والنسائي (١٢٦، ١٢٧) من حديث صفوان بن عسّال مرفوعًا.
وصححه أيضًا ابن خزيمة (١٧، ١٩٣، ١٩٦)، وابن حبان (١٢٦٧، ١٢٦٨، ٣٩٢٦، ٥٥٩٣)، واختاره الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» (٨/ ٣١ - ٤٢).
وله شواهد كثيرة جدًّا، منها حديث علي مرفوعا، رواه مسلم (٢٧٦)، وابن ماجه (٥٥٢)، والنسائي (١٢٨، ١٢٩). ومنها حديث أبي بكرة الثقفي مرفوعا، رواه ابن ماجه (٥٥٦)، وصححه ابن خزيمة (١٩٢).