للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتحقيق أنه قضية عينٍ، يحتمل دخوله في الصف قبل رفع الإمام، ويحتمل أنه لم يدخل فيه حتى رفع الإمام. وحكاية الفعل لا عمومَ لها؛ فلا يمكن أن يُحتَجَّ بها على الصورتين، فهي إذًا مجملة متشابهة، فلا يُترك لها النص المحكم الصريح، فهذا مقتضى الأصول نصًّا وقياسًا، وبالله التوفيق.

المثال السادس والأربعون: ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في جواز الأذان للفجر قبل دخول وقتها، كما في «الصحيحين» (١) من حديث سالم بن عبد الله [عن أبيه] (٢) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن بلالًا يؤذِّن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذانَ ابنِ [٩٦/أ] أم مكتوم». وفي «صحيح مسلم» (٣) عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرَّنَّكم نداءُ بلال ولا هذا البياضُ حتى ينفجر (٤) الفجر». وهو في «الصحيحين» (٥) من حديث ابن مسعود، ولفظه: «لا يمنعنَّ أحدَكم أذانُ بلال من سحوره؛ فإنه يؤذِّن أو ينادي ليرجع قائمكم وينتبه نائمكم». قال مالك (٦): «لم تَزَلِ الصبحُ يُنادَى لها قبل الفجر».

فرُدَّتْ هذه السنة لمخالفتها (٧) الأصولَ والقياس على سائر الصلوات، وبحديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالًا أذَّن قبل


(١) البخاري (٦١٧) ومسلم (١٠٩٢).
(٢) ليست في النسخ، وقد استدركت من «الصحيحين».
(٣) رقم (١٠٩٤).
(٤) ت: «يفجر».
(٥) البخاري (٦٢١) ومسلم (١٠٩٣).
(٦) في «الموطأ» (١/ ٧٢).
(٧) ع: «بمخالفتها».