للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدوانه عنه، كما روى الإمام أحمد في «مسنده» (١): أن رجلًا شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جاره أنه يؤذيه، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يطرح متاعه في الطريق، ففعل، فجعل كلّ من مرَّ عليه (٢) يسأل عن شأن المتاع، فيخبر بأنّ جارَ صاحبه يؤذيه، فيسبُّه ويلعنه، فجاء إليه وقال: رُدَّ متاعك إلى مكانه، فوالله لا أُؤذيك بعد ذلك أبدًا.

فهذا من أحسن المعاريض الفعلية، وألطف الحيل التي يتوصَّل بها إلى دفع ظلم الظالم. ونحن لا ننكر هذا الجنس، وإنما الكلام في الحيل على استحلال محارم الله، وإسقاط فرائضه، وإبطال حقوق عباده؛ فهذا النوع هو الذي يفوت أفرادُ الأدلة على تحريمه الحصرَ.

فصل

وأما قولكم: «جعل العقود حيلًا على التوصُّل إلى ما لا يباح إلا بها ... إلى آخره»، فهذا موضع الكلام في الحيل (٣) وأقسامها (٤) إلى أحكامها الخمسة، فنقول:

ليس كل ما يُسمَّى حيلةً (٥) حرامًا، قال الله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ


(١) لم أجده في «المسند». ورواه البخاري في «الأدب المفرد» (١٢٤) وأبو داود (٥١٥٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وصححه ابن حبان (٥٢٠) والحاكم (٤/ ١٦٥)، وجوَّده ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (١/ ١٦).
(٢) «عليه» ليست في ز.
(٣) «في الحيل» ليست في ز.
(٤) كذا في النسختين. وفي المطبوع: «وانقسامها».
(٥) زيد في المطبوع بعدها: «يسمى»، ولا حاجة إليها.