للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأساس النفاق وأصله هو التزيُّن للناس بما ليس في الباطن من الإيمان. فعُلِم أن هاتين الكلمتين من كلام أمير المؤمنين مشتقَّة (١) من كلام النبوة، وهما من أنفع الكلام، وأشفاه للسَّقام.

فصل

وقوله: «فإن الله لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا». والأعمال أربعة: واحد مقبول، وثلاثة مردودة. فالمقبول ما كان لله خالصًا وللسنَّة موافقًا، والمردود ما فُقِدَ منه الوصفان أو أحدهما. وذلك أن العمل المقبول هو ما أحبَّه الله ورضيَه، وهو سبحانه إنما يُحِبُّ ما أمرَ به وما عُمِل لوجهه. وما عدا ذلك من الأعمال فإنه لا يحبُّها، بل يمقتها ويمقت أهلها.

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢]. قال الفضيل [٣٥٠/ب] بن عياض: هو أخلصُ العملِ وأصوبُه. فسئل عن معنى ذلك، فقال: إنَّ العمل إذا كان خالصًا ولم يكنْ صوابًا لم يُقبَل، وإذا كان صوابًا ولم يكنْ خالصًا لم يقبَل، حتى يكون خالصًا صوابًا. فالخالصُ أن يكون لله، والصوابُ أن يكون على السُّنَّة. ثم قرأ قوله: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: ١١٠] (٢).

فإن قيل: فقد بان بهذا أن العمل لغير الله مردود غير مقبول، والعمل لله


(١) كذا في النسخ الخطية والمطبوعة في موضع: «مشتقَّتان»! وانظر ما سبق في (٢/ ١٥٤).
(٢) نقله المؤلف في «مدارج السالكين» (١/ ١٠٥) و (٢/ ٨٩) أيضًا. وقد رواه ابن أبي الدنيا في «الإخلاص والنية» (٢٢)، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٩٥) دون الآية الأخيرة.