للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال علي بن شَقيق: قيل لابن المبارك: متى يفتي الرجل؟ قال: إذا كان عالمًا بالأثر، بصيرًا بالرأي (١).

وقيل ليحيى بن أكثم: متى تحبُّ (٢) للرجل أن يفتي؟ فقال: إذا كان بصيرًا بالرأي، بصيرًا بالأثر (٣).

قلت: يريدان (٤) بالرأي القياس الصحيح والمعاني والعلل الصحيحة التي علَّق الشارع بها الأحكام، وجعَلهَا مؤثِّرةً فيها طردًا وعكسًا.

فصل

في تحريم الإفتاء في دين الله بالرأي المتضمِّن لمخالفة النصوص، والرأيِ الذي لم تشهد له النصوصُ بالقبول

قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٥٠]. فقسَّم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما: إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى؛ فكلُّ ما لم يأتِ به الرسولُ فهو من الهوى (٥).


(١) "الفقيه والمتفقه" (٢/ ٣٣٢). ورواه البيهقي في "المدخل" (١٨٧)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٥٣٢) وسنده صحيح.
(٢) ع، ف: "يجب"، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو تصحيف.
(٣) رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ٣٣٣).
(٤) س، ع، ف: "يريد".
(٥) سيأتي نحوه مرة أخرى. وانظر: "الصواعق" (٤/ ١٥٢٦) و"روضة المحبين" (ص ٥٤٨).