للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النصوص. وقد يرى إمامَه ذكر حكمًا بدليله، فيكتفي هو بذلك الدليل من غير بحث عن معارض له.

وهذا شأن كثير من أصحاب الوجوه والطرق، والكتب المطوَّلة والمختصرة. وهؤلاء لا يدَّعون الاجتهاد، ولا يُقِرُّون بالتقليد. وكثير منهم يقول: اجتهدنا في المذاهب، فرأينا أقربها إلى الحقِّ مذهب إمامنا. وكلٌّ منهم يقول ذلك عن إمامه، ويزعم أنه أولى بالاتباع من غيره. ومنهم من يغلو فيوجب اتباعه، ويمنع من اتباع غيره.

فيا لله العجب من اجتهادٍ نهض بهم إلى كون متبوعهم ومقلَّدهم أعلمَ من غيره، وأحقَّ بالاتباع من سواه، وأن مذهبه هو الراجح، والصواب دائرٌ معه؛ وقعد بهم عن الاجتهاد في كلام الله ورسوله، واستنباط الأحكام منه، وترجيح ما يشهد له النص، مع استيلاء كلام الله ورسوله على غاية البيان، وتضمُّنه لجوامع الكلم، وفصلهِ للخطاب، وبراءته من التناقض والاختلاف والاضطراب. فقعدت بهم هممهم واجتهادهم عن الاجتهاد فيه، ونهضت بهم إلى الاجتهاد في كون إمامهم أعلمَ الأمة وأولاها بالصواب، وأقوالِه في غاية القوة وموافقة السنة والكتاب! فالله (١) المستعان.

فصل

النوع الرابع: طائفة تفقَّهت في مذاهب من انتسبت إليه، وحفظت فتاويه وفروعه، وأقرَّت على أنفسها بالتقليد المحض من جميع الوجوه. فإن ذكروا الكتاب والسنة يومًا ما في مسألة فعلى وجه التبرُّك والفضيلة، لا على وجه


(١) ك، ب: «والله».