للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

النوع الرابع من الرأي المحمود: أن يكون بعد طلبِ علمِ الواقعة من القرآن، فإن لم [٤٧/أ] يجدها في القرآن ففي السنَّة، فإن لم يجدها في السنَّة فبما قضى به الخلفاء الراشدون أو اثنان منهم أو واحد (١)، فإن لم يجده فبما قاله واحد من الصحابة - رضي الله عنهم -. فإن لم يجده اجتهدَ رأيَه، ونظَر إلى أقرب ذلك من كتاب الله وسنَّة رسوله وأقضية أصحابه. فهذا هو الرأي الذي سوَّغه الصحابةُ، واستعملوه، وأقرَّ بعضُهم بعضًا عليه.

قال عليّ بن الجَعْد: أنا شعبة، عن سيَّار، عن الشعبي، قال: أخذ عمر فرسًا من رجلٍ على سَوْم، فحمَل عليه، فعطِبَ. فخاصمه الرجل، فقال عمر: اجعل بيني وبينك رجلًا. فقال الرجل: فإنّي (٢) أرضى بشُرَيح العراقي. فقال شريح: أخذتَه صحيحًا سليمًا، فأنت له ضامن حتى تَرُدَّه صحيحًا سليمًا. قال: فكأنه أعجبه، فبعثه قاضيًا، وقال: ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه، فإن لم يستبِنْ (٣) في كتاب الله فمن السنَّة، فإن لم تجده في السنَّة فاجتهِدْ رأيَك (٤).


(١) ت: "واحد منهم".
(٢) ت، ع: "إنِّي".
(٣) بعده في ت: "لك".
(٤) رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٩١) من طريق علي بن الجعد به. ورواه البيهقي في "السنن الكبير" (٥/ ٢٧٤)، وفي "معرفة السنن" (٥/ ٢٨٤ - ٢٨٥) ــ ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ مدينة دمشق" (٢٣/ ١٨) ــ من طريق آدم (وهو ابن أبي إياس) عن شعبة به. وروى الشطر الأخير من القصة سعيد بن منصور ــ ومن طريقه ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٢٩)، والبيهقي في "السنن الكبير" (١٠/ ١١٠) ــ، وابن جرير ــ ومن طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٥٩٨) ــ، ووكيع القاضي في "أخبار القضاة" (٢/ ١٨٩)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١/ ٤٩١).
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٧١٥٨)، وابن سعد في "الطبقات" (٨/ ٢٥٣)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٤/ ٣٣٢) من طريق أبي إسحاق الشيباني، عن الشعبي بمعناه. وسنده غير متصل، إذ الشعبي لم يُدرك عمر - رضي الله عنه -. ويُنظر: "تاريخ مدينة دمشق" لابن عساكر (٢٣/ ١٩ - ٢١).