للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيء الذي فيه اختلاف. قال: يفتي بما وافق الكتاب والسنَّة، وما لم يوافق الكتابَ والسنَّة أمسك عنه. قيل له: أفتخاف عليه؟ قال: لا. قيل له: ما كان من كلام إسحاق بن راهويه وما كان وُضع في الكتاب وكلام أبي عبيد ومالك، ترى النظر فيه؟ فقال: كلُّ كتاب ابتُدِع فهو بدعة، أو كلُّ كتاب محدَث فهو بدعة. وأما ما كان عن مناظرة يخبر الرجلُ بما عنده، وما يسمع من الفتيا، فلا أرى به بأسًا. قيل له: فكتاب أبي عبيد «غريب الحديث»؟ قال: ذلك شيء حكاه عن قوم أعراب. قيل له: فهذه الفوائد التي فيها المناكير ترى أن تُكتَب؟ قال: المنكر أبدًا منكر!

الفائدة الخامسة والعشرون: في دلالة العالم للمستفتي على غيره. وهو موضع خطر جدًّا، فلينظر الرجل ما يحدث من ذلك، فإنه متسبِّب بدلالته إما إلى الكذب على الله ورسوله في أحكامه، أو القول عليه بلا علم. فهو (١) معين على الإثم والعدوان، وإما معين على البر والتقوى؛ فلينظر الإنسان إلى من يدلُّ عليه، وليتَّق الله ربَّه.

وكان شيخنا ــ قدَّس الله روحه ــ شديد التجنب لذلك. ودللتُ مرةً بحضرته على مفتٍ أو مذهبٍ، فانتهرني، وقال: ما لك وله؟ دعه (٢). ففهمتُ من كلامه أنك لتبوء (٣) بما عساه يحصل له من الإثم ولمن أفتاه. ثم رأيت هذه المسألة بعينها منصوصة عن الإمام أحمد.


(١) ب: «والقول عليه بلا علم، وهو».
(٢) زاد في المطبوع بعده: «عنك»!
(٣) في النسخ الثلاث: «لا تبوا»!