للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يثق به، ثم يقِفُه ذلك المملَّك (١) عليه بحسب اقتراحه. وهذا لا شك في قبحه وبطلانه؛ فإن التمليك المشروع المعقول أن يرضى المملِّك بنقل المِلك إلى المملَّك بحيث يتصرف فيه بما يجب من وجوه التصرفات، وهنا قد علم الله سبحانه والحفظة الموكَّلون بالعبد ومن يشاهدهم من بني آدم من هذا المملّك أنه لم يرضَ بنقل الملك إلى هذا، ولا خطر له على بالٍ، ولو سأله درهمًا واحدًا فلعله كان لم (٢) يسمح عليه به، ولم يرضَ بتصرُّفه فيه إلا بوقفه على المملَّك (٣) خاصة، بل قد ملَّكه إياه بشرط أن يتبرَّع عليه به وقفًا، إما شرط مذكور وإما شرط معهود متواطأ عليه، وهذا تمليك فاسد قطعًا، وليس بهبة ولا صدقة ولا هدية ولا وصية (٤) ولا إباحة، وليس هذا بمنزلة العمرى والرُّقبى المشروط فيها العود إلى المُعمِر، فإنه هناك ملَّكه التصرُّفَ فيه وشرطَ العودَ، وهنا لم يملِّكه شيئًا، وإنما تكلَّم بلفظ التمليك غير قاصد معناه، والموهوب له يصدِّقه أنهما لم يقصدا حقيقة الملك، بل هو استهزاء بآيات الله وتلاعبٌ بحدوده، وسنذكر إن شاء الله في الفصل الذي بعد هذا الطريقَ الشرعية المُغنِية عن هذه الحيلة الباطلة.

فصل

ومن الحيل الباطلة: تحيُّلُهم على إيجار الوقف مائة سنة مثلًا، وقد شرط الواقف أن لا يُؤجِر أكثر من سنتين أو ثلاثًا؛ فيُؤجِره المدةَ الطويلة في


(١) ك: «المملوك».
(٢) «لم» ليست في النسخ، وقد زيدت في هامش د.
(٣) ك: «الملك».
(٤) «وهذا تمليك ... ولا وصية» ساقطة من ز.