للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك من غيرك، ويعلّمونه الشروط التي يريد إنشاءها، فيجعلها إقرارًا؛ فيعلّمونه الكذب في الإقرار، ويشهدون على الكذب وهم يعلمون، ويحكمون بصحته. ولا يستريب مسلم في أن هذا حرام؛ فإن الإقرار شهادة من الإنسان على نفسه، فكيف يلقّن شهادة الزور (١) ويشهد عليه بصحتها؟ ثم إن كان وقف الإنسان على نفسه باطلًا في دين الله فقد علَّمتموه حقيقة الباطل؛ فإن الله سبحانه قد علم أن هذا لم يكن وقفًا قبل الإقرار، ولا صار وقفًا بالإقرار الكاذب، فيصير المال حرامًا على من يتناوله إلى يوم القيامة، وإن كان وقف الإنسان على نفسه صحيحًا فقد أغنى الله سبحانه عن تكلُّف الكذب.

قلت: وإن قيل: إنه (٢) مسألة خلاف يسوغ فيها الاجتهاد، فإذا وقَفَه على نفسه كان لصحته مساغٌ، لما فيه من الاختلاف السائغ، وأما الإقرار بوقفه من غير إنشاء متقدم فكذب بحتٌ، ولا يجعله ذلك وقفًا اتفاقًا إذا (٣) أخذ الإقرار على حقيقته، ومعلوم قطعًا أن تقليد الإنسان لمن يفتي بهذا القول ويذهب إليه أقربُ إلى الشرع والعقل من توصُّله إليه بالكذب والزور والإقرار الباطل؛ فتقليد عالم من علماء المسلمين أعذرُ عند الله من تلقين الكذب والشهادة عليه.

فصل

ولهم حيلة أخرى، وهي أن الذي يريد الوقف يملِّكه لبعض من [٩٨/أ]


(١) ك: «زور».
(٢) ك: «إنها».
(٣) ز: «فإذا».