للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنفِق أن يُنفق سبَغَتْ عليه حتى تُجِنَّ (١) بَنانَه وتعفو أثرَه (٢). وإذا أراد البخيل أن يُنفِق قلَصتْ ولزمتْ كلُّ حلقة موضعَها، فهو يوسِّعها ولا تتسع".

وقال: "مثلُ الذين يغزون من أمتي ويتعجَّلون أجورَهم كمثل أمِّ موسى تُرضِع ولدَها وتأخذ أجرَها" (٣).

فصل

قالوا: فهذه وأمثالها من الأمثال التي ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتقريب المراد، وتفهيم المعنى، وإيصاله إلى ذهن السامع وإحضاره في نفسه بصورة المثال الذي مَثَّل به؛ فإنه يكون (٤) أقرَب إلى تعقُّله وفهمه، وضبطه واستحضاره له باستحضار نظيره؛ فإنَّ النفس تأنَس بالنظائر والأشباه الأُنْسَ التامَّ، [١٤٤/أ] وتنفِر من الغُربة والوحدة وعدم النظير. ففي الأمثال من تأنيس


(١) أي تُخفي، كما في ت، وروايةِ البخاري (١٤٤٣). وفي النسخ المطبوعة: "يجر"، تصحيف.
(٢) أي تستر أثره إذا مشى، لسُبوغها. وانظر شرح المثل في "فتح الباري" (٣/ ٣٠٦ - ٣٠٧).
(٣) رواه سعيد بن منصور (٢٣٦١)، وعنه أبو داود في "المراسيل" (٣٣٢)، ــ ومن طريقهما البيهقي (٩/ ٢٧) ــ، وابن أبي شيبة (١٩٨٨١)، وابن قتيبة في "عيون الأخبار" (١/ ٢١٨)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"! (٢/ ٥٢٥) من حديث معدان بن حدير، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه مرسلا. والحديث ــ مع إرساله ــ فيه معدان هذا، مستور الحال، لم يُوثَّق. والأشبه بالصواب أن أصل الحديث موقوفٌ مرويٌّ عن معاوية - رضي الله عنه -، التبس على معدان فرفعه، فانظر: "السنن" لسعيد بن منصور (٢٣٦٢).
(٤) ت: "قد يكون"، وكذا في النسخ المطبوعة.