للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم بعَث الله له الشيطان، فعمِل بالمعاصي حتى أغرق أعمالَه كلَّها (١).

قال الحسن: هذا مثلٌ قلَّ ــ والله ــ من يعقله من الناس. شيخ كبير ضعُفَ جسمُه، وكثُر صبيانه، أفقَرُ ما كان إلى جنته. وإنَّ أحدَكم والله أفقَرُ ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا (٢).

فصل

فإن عرض لهذه الأعمال من الصدقة (٣) ما يُبطلها من المنِّ والأذى والرياء ــ فالرياءُ يمنع انعقادها سببًا للثواب، والمنُّ والأذى يُبطل الثوابَ الذي كانت سببًا له ــ فمثلُ صاحبِها وبطلانِ عمله {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} وهو الحجر الأملس {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} وهو المطر الشديد {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} [البقرة: ٢٦٤] لا شيء عليه.


(١) أخرجه البخاري (٤٥٣٨) من حديث عبيد بن عمير. وقوله: "لرجل غني يعمل بالحسنات ... " إلخ من كلام عمر، فهو الذي فسَّر المثل، لا ابن عباس كما ذكر المصنف، والظاهر أنه نقل الأثر من "الكشاف" (١/ ٣١٤). والغريب أن الزيلعي وابن حجر كليهما خرَّجاه من البخاري، ولكن لم ينبِّها على هذا الخلل في سياق الزمخشري. وقد نقله المصنف على وجهه في "طريق الهجرتين" (٢/ ٨٠٧) من "صحيح البخاري".
(٢) نقله المصنف في "طريق الهجرتين" (٢/ ٨٠٦ - ٨٠٧) أيضًا. والظاهر أن مصدره "الكشاف" (١/ ٣١٤)، ومنه نقله أبو حيان في "البحر" (٢/ ٦٧١). ولم أجده بهذه السياقة في غيرهما.
(٣) ع: "الصدقات"، وكذا في النسخ المطبوعة.