للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضعفُ فهو أحوجُ ما كان إلى نعمته. ومع هذا، فله ذرية ضعفاء لا يقدرون على نفعه والقيام بمصالحه، بل هم في عياله؛ فحاجته إلى نعمته حينئذ أشدُّ ما كانت لِضعفه وضعفِ ذريته. فكيف يكون حالُ هذا إذا كان له بستان عظيم فيه من جميع الفواكه والثمر، وسلطانُ ثمره أجلُّ الفواكه وأنفعُها، وهو ثمر النخيل والأعناب، فمُغَلُّه يقوم بكفايته وكفاية ذريته، فأصبح يومًا وقد وجده محترقًا كلَّه كالصريم، فأيُّ حسرة أعظمُ من حسرته؟

قال ابن عباس: هذا مثل الذي يُختَم له بالفساد في آخر عمره (١).

وقال مجاهد: هذا مثل المفرِّط في طاعة الله حتى يموت (٢).

وقال السُّدِّي: هذا مثل المرائي في نفقته، الذي يُنفق لغير الله، ينقطع عنه نفعُها أحوجَ ما يكون إليه (٣).

وسأل عمر بن الخطاب الصحابة يومًا عن هذه الآية، فقالوا: الله أعلم. فغضب عمر، وقال: قولوا نعلم، أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. [١٠٩/ب] قال: قل يا ابن أخي، ولا تَحْقِرْ نفسَك. قال: ضَرَب مثلًا لعمل. قال: لأيِّ عمل؟ قال: لرجل غنيٍّ يعمل بالحسنات،


(١) "زاد المسير" (١/ ٢٤٠). ونص قوله رواه ابن جرير في "جامع البيان" (٤/ ٦٨٤ - ٦٨٥) من طريق ابن جريج عنه، وهو منقطع.
(٢) "زاد المسير" (١/ ٢٤٠)، ورواه ابن جرير في "جامع البيان" (٤/ ٦٨٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢٧٧١). ورواه أيضًا عبد بن حميد، كما في "الدر المنثور" (٣/ ٢٥١).
(٣) "زاد المسير" (١/ ٢٤٠). وروى قوله ابن جرير في "جامع البيان" (٤/ ٦٨١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢٧٧٥).