للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فذكرت الحديث، وقالت: ثم وقعت فيَّ، فاستطالت عليَّ، وأنا أرقُب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأرقُب طرفَه: هل يأذن لي فيها؟ قالت: فلم تبرَح [١٩٩/أ] زينبُ حتى عرفتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكره أن أنتصر. فلما وقعتُ بها (١) لم أنشَبْها حتى أثخنتُ عليها (٢). قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبسَّم: «إنها ابنة أبي بكر». وفي لفظ فيهما (٣): «لم أنشَبْها أن أثخنتُها غلبةً».

وقد حكى الله سبحانه عن يوسف الصدِّيق أنه قال لإخوته: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} (٤)، لما قالوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} (٥) [يوسف: ٧٧]، ولم يُبْدِ لهم ذلك للمصلحة التي اقتضت كتمان الحال.

ومن تأمَّل الأحاديث رأى ذلك فيها كثيرًا جدًّا. وبالله التوفيق.

فصل

قالوا: وهذا غيض من فيض، وقطرة من بحر، من تناقض القيَّاسين (٦) الآرائيين، وقولهم بالقياس وتركهِم لما هو نظيره من كلِّ وجه أو أولى منه، وخروجِهم في القياس عن موجَب القياس، كما أوجب لهم مخالفةَ السنن


(١) يعني: نلتُ منها.
(٢) أي لم أتركها حتى بالغت في إفحامها. ويروى: «أنحيتُ».
(٣) بل في «صحيح مسلم» وحده.
(٤) زادوا في النسخ المطبوعة: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ}.
(٥) زادوا في النسخ المطبوعة: {فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} وغيَّروا عبارة المصنف.
(٦) في النسخ المطبوعة: «القياسيين» كالعادة.