للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآثار، كما تقدَّم الإشارة إلى بعض ذلك. فَلْيُوجِدْنا القيَّاسون (١) حديثًا واحدًا صحيحًا صريحًا غيرَ منسوخ قد خالفناه لرأي أو قياس أو تقليد رجل، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلًا! فإن كان مخالفة القياس ذنبًا (٢) فقد أريناهم مخالفته صريحًا. ثم نحن أسعَدُ (٣) بمخالفته منهم، لأنا إنما خالفناه للنصوص. وإن كان حقًّا فماذا بعد الحقِّ إلا الضلال؟

فانظر إلى هذين البحرين اللذين قد تلاطمت أمواجهما، والحزبين اللذين قد ارتفع في مَعْرَكِ (٤) الحرب عَجاجُهما. فجرَّ كلٌّ منهما جيشًا من الحجج لا تقوم له الجبال، وتتضاءل له شجاعة الأبطال، وأدلَى كلٌّ (٥) منهما من الكتاب والسنة والآثار بما خضعت له الرقاب، وذلَّت له الصعاب، وانقاد [١٩٩/ب] له علمُ كلِّ عالم، ونفَّذه حكمُ كلِّ حاكم (٦). وكان نهاية قدم الفاضل النحرير الراسخ في العلم أن يفهم عنهما ما قالاه، ويحيط علمًا بما أصَّلاه وفصَّلاه. فليعرف الناظر في هذا المقام قدرَه، ولا يتعدَّى طورَه، وليعلم أن وراء سُوَيقِيَته (٧) بحارًا طاميةً، وفوق مرتبته في العلم مراتبَ فوق


(١) انظر التعليق السابق. وفي ف: «القائسون».
(٢) هذا في س، ع. ونقطة الباء واضحة في ح أيضًا. وفي غيرهما والنسخ المطبوعة: «دينًا».
(٣) في النسخ المطبوعة: «أسعد الناس».
(٤) في النسخ المطبوعة: «معترك».
(٥) في طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد ومَن تابعه: «وأتى كلُّ واحد»، ولعله تصرُّف من بعض الناشرين.
(٦) في النسخ المطبوعة: «ونفّذ حكمه كل حاكم».
(٧) السُّوَيقِيَة: تصغير الساقية.