للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عموم الأحوال والأزمان، ولو دلّ عليها بعمومه فإخراج بعضها تخصيص للعام، وهذا ظاهر جدًّا، وغايته استعمال العام في الخاص أو المطلق في المقيّد، وذلك غير بِدْعٍ لغةً وشرعًا وعرفًا، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما معاوية فصُعلوكٌ لا مالَ له، وأما أبو الجهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» (١)، فالصواب قبول مثل هذا فيما بينه وبين الله وفي الحكم أيضًا.

فصل

قد عُرِف أن الحلف بالطلاق له صيغتان؛ إحداهما: إن فعلتُ كذا فأنتِ طالق، والثانية: الطلاق يلزمني لا أفعل كذا، وأن الخلاف في الصيغتين قديمًا وحديثًا. وهكذا [٢٢/ب] الحلف بالحرام له صيغتان؛ إحداهما: إن فعلتُ كذا فأنتِ عليَّ حرام، أو ما أحلَّ الله عليَّ حرام، والثانية: الحرام يلزمني لا أفعلُ كذا، فمن قال في «الطلاق يلزمني» إنه ليس بصريح ولا كناية ولا يقع به شيء، ففي قوله: «الحرام يلزمني» أولى، ومن قال: إنه كناية إن نوى به الطلاق كان طلاقًا وإلّا فلا، فهكذا يقول في «الحرام يلزمني»: إن نوى به التحريم كان كما لو نوى بالطلاق التطليقَ (٢)، فكأنه التزم أن يحرِّم كما التزم ذاك أن يطلِّق؛ فهذا التزامٌ للتحريم وذاك التزام للتطليق. وإن نوى به ما حرَّم الله عليَّ يلزمني تحريمه= لم يكن يمينًا ولا تحريمًا ولا طلاقًا ولا ظهارًا.

ولا يجوز أن يفرَّق بين المسلم وبين امرأته بغير لفظٍ لم يوضع للطلاق ولا نواه، وتلزمه كفارةُ يمينٍ حرمةً لشدة اليمين؛ إذ ليست كالحلف بالمخلوق التي لا تنعقد ولا هي من لغو اليمين، وهي يمينٌ منعقدة ففيها


(١) رواه مسلم (١٤٨٠/ ٣٦) من حديث فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها -.
(٢) ز: «والتطليق» خطأ.