للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلومًا في حقِّه. فلو حُرِّمت المرأة على غيره لتضرَّرت ضررًا محقَّقًا بغير نفع معلوم، ولكن لو تأيَّمت على أولادها كانت محمودة على ذلك.

وقد كانوا في الجاهلية يبالغون في احترام حقِّ الزوج وتعظيم حريم هذا العقد غايةَ المبالغة، من تربُّص سنةٍ في شرِّ ثيابها وحِفْشِ (١) بيتها، فخفَّف الله ذلك عنهم (٢) بشريعته التي جعلها رحمة وحكمة ومصلحة ونعمة. بل هي من أجلِّ نعمه عليهم على الإطلاق، فله الحمد كما هو أهله.

وكانت أربعة أشهر وعشرًا على وفق الحكمة والمصلحة، إذ لا بد من مدة مضروبة لها. وأولى المُدَد بذلك: المدّة التي يُعلَم فيها وجودُ حملِ (٣) الولد وعدمه، فإنه يكون أربعين يومًا نطفة، ثم أربعين علقة، ثم أربعين [٢٨٧/ب] مضغة. فهذه أربعة أشهر. ثم يُنفَخ فيه الروح في الطور الرابع، فقُدِّر بعشرة أيام لتظهر حياته بالحركة إن كان ثم حمل.

فصل

وأما عدَّة الطلاق، فلا يمكن تعليلها بذلك، لأنها إنما تجب بعد المسيس بالاتفاق؛ ولا ببراءة الرحم، لأنه يحصل بحيضة كالاستبراء، وإن كان براءة الرحم بعض مقاصدها.

ولا يقال: «هي تعبُّد»، لما تقدَّم. وإنما يتبيَّن حكمُها إذا عُرِف ما فيها من الحقوق ففيها حقُّ الله، وهو امتثال أمره وطلب مرضاته؛ وحقٌّ للزوج


(١) الحِفش: البيت الصغير من بيوت الأعراب.
(٢) في النسخ المطبوعة: «عنهم ذلك».
(٣) لفظ «حمل» ساقط من ت، ع. وفي المطبوع: «بوجود حمل».