للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقل هكذا، ولكن قل: هذا ما رأى أميرُ المؤمنين عمرُ بن الخطاب (١).

وقال ابن وهب: سمعتُ مالكًا يقول: لم يكن من أمر الناس ولا مَن مضى مِن سلفنا، ولا أدركتُ أحدًا أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال، وهذا حرام. ما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره (٢) كذا، ونرى هذا حسنًا، ويُتَّقَى (٣) هذا، ولا نرى هذا (٤).

ورواه عنه عتيق بن يعقوب، [٢١/أ] وزاد: ولا يقولون حلال ولا حرام. أما سمعتَ (٥) قول الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس: ٥٩] الحلالُ: ما أحلَّه الله ورسوله، والحرامُ: ما حرَّمه الله ورسوله (٦).

قلت: وقد غلِط كثيرٌ من المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك، حيث تورَّع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم، وأطلقوا لفظ الكراهة؛ فنفى المتأخرون التحريمَ عمَّا أطلق عليه الأئمةُ الكراهةَ، ثم سهُل عليهم لفظُ


(١) رواه ابن حزم في "الإحكام" (٦/ ٤٨)، والبيهقي (١٠/ ١١٦)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (٢٦٦) من طريقين عن أبي إسحاق الشيباني، عن أبي الضحى، عن مسروق به. وصحّحه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ٣٥٨).
(٢) ح: "يُكره".
(٣) هكذا في س، ت مضبوطًا بضم أوله. وحرف المضارعة مهمل في ح. وفي ت: "ننفي". وفي ع، ف، والمطبوع: "نتّقي". وفي طبعة الشيخ محمد محيي الدين ومن تابعه: "فينبغي".
(٤) ذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (٢٠٩١).
(٥) ت: "سمعتم".
(٦) ذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (٢٠٩١) معلّقًا.