للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخيَّرة ومَن جعلَ طلاقها بيدها؛ لأن الزوج قد ملَّكها ذلك وجعله بيدها، بخلاف الحالف فإنه لم يقصد طلاقها بنفسه، ولا جعله بيدها باليمين، حتى لو قصد ذلك فقال: «إن أعطيتِني ألفًا فأنتِ طالق» أو «إن أبرأتِني من جميع حقوقك فأنتِ طالق» فأعطتْه أو أبرأتْه طلُقتْ.

ولا ريبَ أن هذا الذي قاله أشهب أفقهُ من القول بوقوع الطلاق؛ فإن الزوج إنما قصد حضَّها ومنعها، ولم يقصد تفويض الطلاق إليها، ولا خطرَ ذلك بقلبه، ولا قصد وقوع الطلاق عند المخالفة. ومكانُ أشهب من العلم والإمامة غير مجهول؛ فذكر أبو عمر ابن عبد البر في كتاب «الانتقاء» (١) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أشهب أفقهُ من ابن القاسم مائة مرة. وأنكر ابن كنانة (٢) ذلك وقال: ليس عندنا كما قال محمد، وإنما قاله لأن أشهب شيخه ومعلِّمه. قال أبو عمر: أشهب شيخه، وابن القاسم شيخه، وهو أعلمُ بهما لكثرة مجالسته لهما وأخذِه عنهما.

فصل

المخرج الثامن: أخْذُه بقول من يقول إن الحلف بالطلاق لا يلزم، ولا يقع على الحانث به (٣) طلاق، ولا يلزمه كفارة ولا غيرها. وهذا مذهب خلقٍ من السلف والخلف، صح ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٤).


(١) (ص ٥٢).
(٢) كذا في جميع النسخ، فأثبتُّه كذلك وهو تحريف «ابن لُبابة» واسمه محمد بن عمر بن لبابة، كما في «الانتقاء». وترجمته في «ترتيب المدارك» (٥/ ١٥٣ - ١٥٧).
(٣) «به» ليست في ك.
(٤) تقدم.