للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستقلًّا بالاجتهاد، فهل له أن يفتي بقول (١) ذلك الإمام؟ على قولين، وهما وجهان لأصحاب الشافعي وأحمد:

أحدهما: الجواز، ويكون متبعه مقلِّدًا للميت، لا له، وإنما له مجرَّد النقل عن الإمام.

والثاني: لا يجوز له أن يفتي، لأن السائل مقلِّد له، لا للميِّت، وهو لم يجتهد له، والسائل يقول (٢): أنا أقلِّدك فيما تفتيني به.

والتحقيق: أن هذا فيه تفصيل. فإن قال له السائل: أريد (٣) حكم الله في هذه المسألة، أو أريد الحقَّ، أو ما يخلِّصني ونحو ذلك= لم يسعه إلا أن يجتهد له في الحق، ولا يسعه أن يفتيه بمجرَّد تقليد غيره، من غير معرفة بأنه حق أو باطل. وإن قال له: أريد أن أعرف في هذه النازلة قول الإمام ومذهبه، ساغ له الإخبار به، ويكون ناقلًا له، ويبقى الدَّرَك (٤) على السائل. فالدرك في الوجه الأول على المفتي، وفي الثاني على المستفتي.

الفائدة الحادية والثلاثون: هل يجوز للحي تقليد الميت والعمل بفتواه من غير اعتبارها بالدليل الموجِب لصحة العمل بها؟ فيه وجهان لأصحاب الإمام أحمد والشافعي. فمن منعه قال: يجوز تغيُّر اجتهاده لو كان حيًّا، فإنه كان يجدِّد النظر عند نزول هذه النازلة إما وجوبًا وإما استحبابًا، على النزاع


(١) ب: «بمذهب».
(٢) في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «له».
(٣) في المطبوع: «أنا أريد».
(٤) أي التبعة.