للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك له، إما بالثمن أو مجَّانًا (١)، على الخلاف في ذلك؛ والصحيح وجوب بذله مجّانًا؛ لوجوب المواساة وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك، والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع، وهي (٢) أقوى من كثير من الشُّبه التي يذكرها كثير من الفقهاء، بل إذا وازنتَ بين هذه الشبهة وبين ما يذكرونه ظهر لك التفاوت، فأين شبهة كون المسروق مما يسرع إليه الفساد، وكون أصله على الإباحة، وشبهة القطع به مرة، وشبهة دعوى مِلْكه بلا بينة، وشبهة إتلافه في الحِرز بأكل أو احتلاب من الضرع، وشبهة نقصان ماليته في الحرز بذبح أو تحريق ثم إخراجه، وغير ذلك من الشُّبه الضعيفة جدًّا إلى هذه الشبهة القوية؟ لا سيَّما وهو مأذون له في مغالبة صاحب المال على أخذ ما يسدُّ رمقَه. وعام المجاعة يكثر فيه المحاويج والمضطرون، ولا يتميّز المستغني منهم والسارق لغير حاجة من غيره، فاشتبه من يجب عليه الحدُّ بمن لا يجب عليه، فدُرِئَ. نعم إذا بانَ السارق لا حاجةَ به وهو مستغنٍ عن السرقة قُطِع.

فصل

المثال الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضَ صدقة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أَقِطٍ (٣)، وهذه كانت غالبَ أقواتهم بالمدينة، فأما أهل بلدٍ أو محلةٍ قُوتُهم غير ذلك فإنما عليهم صاع من قُوتِهم،


(١) د: «ما مجانا».
(٢) ز: «وهو».
(٣) رواه البخاري (١٥٠٦) ومسلم (٩٨٥) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -.