للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر: اذهبْ فأعطِه ثمانَ مائة» (١).

وذهب أحمد إلى موافقة عمر في الفصلين (٢) جميعًا؛ ففي «مسائل إسماعيل بن سعيد الشَّالَنْجي» التي شرحها السعدي بكتاب سماه «المترجم» (٣)، قال: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يحمل الثمرَ من أكمامه، فقال: فيه الثمنُ مرتين وضَرْبُ نكالٍ. قال: وكلُّ من دَرأْنا عنه الحدّ (٤) والقَوَدَ أضعفنا عليه الغرم. وقد وافق أحمدَ على سقوط القطع في المجاعة الأوزاعيُّ.

وهذا محض القياس، ومقتضى قواعد الشرع؛ فإن السَّنة إذا كانت سنة مَجاعةٍ وشدّةٍ غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يَسلَم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسدُّ به رمقَه، ويجب على صاحب (٥) المال بذلُ


(١) رواه مالك في «الموطأ» (٢/ ٧٤٨)، وفي إسناده يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب لم يدرك عمر؛ فإنه ولد في خلافة عثمان. انظر: «تهذيب الكمال» (٣١/ ٤٣٥).
(٢) كذا في النسختين، ولعلها «الفعلين» يعني: درء الحد وإضعاف الغرم، كما في «محض الصواب في فضائل عمر بن الخطاب» ليوسف بن عبد الهادي (١/ ٣٧٣)، حيث نقل كلام ابن القيم في هذا الفصل دون العزو إليه.
(٣) قال الخلال ذاكرًا الشالنجي: «عنده مسائل كثيرة ما أحسب أن أحدًا من أصحاب أبي عبد الله (أحمد) روى عنه أحسن مما روى هذا، ولا أشبع ولا أكثر مسائل منه، ولم أجد هذه المسائل عند أحدٍ رواها عنه إلا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني». انظر: «طبقات الحنابلة» (١/ ١٠٤). وذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٤/ ٥٤٥) كتابَ «المترجم»، وقال: فيه علوم غزيرة وفوائد كثيرة.
(٤) في هامش د: «الحدود».
(٥) ز: «صاحبي».