للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ومما يدل على أن استصحاب حكم الإجماع في محلِّ النزاع حجَّة: أنَّ تبدُّلَ حال المحلِّ المجمَع على حكمه أولًا كتبدُّلِ زمانه ومكانه وشخصه، وتبدُّلُ هذه الأمور وتغيُّرها لا يمنع استصحابَ ما ثبت له قبل التبدُّل (١). فكذلك تبدُّلُ وصفه وحاله لا يمنع الاستصحابَ حتى يقوم دليل على أن الشارع جعل ذلك الوصف الحادث ناقلًا للحكم مثبتًا لضدِّه؛ كما جعل الدِّباغَ ناقلًا لحكم نجاسة الجلد، وتخليلَ الخمرة (٢) ناقلًا لحكم تحريمها (٣)، وحدوثَ الاحتلام ناقلًا لحكم البراءة الأصلية. وحينئذ فلا يبقى التمسُّك بالاستصحاب [٢٠٨/أ] صحيحًا.

وأما مجرَّدُ النزاع فإنه لا يوجب سقوط استصحاب حكم الإجماع. والنزاعُ في رؤيةِ الماء في الصلاة، وحدوثِ العيب عند المشتري، واستيلادِ الأمة= لا يوجب رفعَ ما كان ثابتًا قبل ذلك من الأحكام. فلا يُقبَل قولُ المعترض: إنه قد زال حكم الاستصحاب بالنزاع الحادث، فإن النزاع لا يرفع ما ثبت من الحكم، فلا يمكن المعترضَ رفعُه إلا أن يقيم دليلًا على أن ذلك الوصف الحادث جعله الشارع دليلًا على نقل الحكم. وحينئذ فيكون معارضًا في الدليل، لا قادحًا في الاستصحاب. فتأمَّلْه، فإنه التحقيق في هذه المسألة.


(١) في المطبوع أثبت: «التبديل» هنا وفيما سبق.
(٢) ع: «تخلل الخمر».
(٣) في النسخ المطبوعة: «للحكم بتحريمها».