للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالصورة الأولى والثانية لا تحتاج إلى حيلة، وأما الثالثة والرابعة فالحيلة في جوازهما أن يضمَنَ أحد الشريكين عن المَدِين ما عليه لصاحبه، ثم يجيء شريكه فيضمن ما لصاحب الحق عليهما، فإذا أدَّى هذا الشريك المالَ رجع به على شريكه والأصيل، وإذا أدّاه شريكه والأصيل لم يرجعا على الشريك بشيء؛ لأن شريكه قد صار صاحب الأصل (١) هاهنا، فلو رجع عليه لرجع هو عليه، فمن حيث يثبت يسقط، فلا معنى للرجوع عليه.

المثال الثالث والثمانون: لا بأس للمظلوم أن يتحيَّل على مسبَّة الناس لظالمه (٢)، والدعاء عليه، والأخذ من عِرضه، وإن لم يفعل ذلك بنفسه؛ إذ لعل ذلك (٣) يردعه، ويمنعه من الإقامة على ظلمه. وهذا كما لو أخذ ماله فلبس أرَثَّ الثياب بعد أحسنها، وأظهر البكاء والنحيب والتأوُّه، أو آذاه في جواره فخرج من داره، وطرح متاعه على الطريق، أو أخذ دابتَه فطرح حِمْلَه على الطريق وجلس يبكي، ونحو ذلك، فكل هذا مما يدعو الناس إلى لعن الظالم له (٤) وسبِّه والدعاء عليه. وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - المظلومَ بأذى جارِه له إلى نحو ذلك، ففي «السنن» و «مسند الإمام أحمد» من حديث أبي هريرة: أن رجلًا شكَا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من جاره، فقال: «اذهب فاصبِرْ»، فأتاه مرتين أو ثلاثًا، فقال: «اذهبْ فاطرحْ متاعَك في الطريق»، فطرح متاعه في الطريق،


(١) ك: «الأصيل».
(٢) ك: «لمظالمه»، خطأ.
(٣) «ذلك» ساقطة من ز.
(٤) «له» ليست في ك.