للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كعبد الله بن عباس، وبمصر كعبد الله بن عمرو بن العاص؛ وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق. وأكثرُ مَن رُوِي عنه التحذيرُ من الرأي مَن كان بالكوفة إرهاصًا بين يدي ما علِم الله سبحانه أنه يحدُث فيها بعدهم.

فصل

قال أهل الرأي: وهؤلاء الصحابة ومَن بعدهم من التابعين والأئمة، وإن ذمُّوا الرأي، وحذَّروا منه، ونَهَوا عن الفتيا والقضاء به، وأخرجوه من جملة العلم؛ فقد رُوي عن كثير منهم الفتيا والقضاءُ به، والدلالةُ عليه، والاستدلالُ به، كقول عبد الله بن مسعود في المفوِّضة: أقول فيها برأيي، وقولِ عمر بن الخطاب لكاتبه: قل هذا ما رأى عمر بن الخطاب، وقولِ عثمان بن عفان في الأمر بإفراد العمرة عن الحج: إنما هو رأيٌ رأيتُه (١)، وقولِ علي في أمهات الأولاد: اتفق رأيي ورأيُ عمر على أن لا يُبَعْنَ (٢).

وفي كتاب عمر بن الخطاب إلى شُرَيح: إذا وجدتَ شيئًا في كتاب الله فاقضِ به، ولا تلتفت إلى غيره. وإن أتاك شيء ليس في كتاب الله فاقضِ بما


(١) سبق تخريج هذه الآثار قريبًا.
(٢) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٣٢٢٤)، وسعيد بن منصور في "السنن" (٢٠٤٨)، وعمر بن شبة في "أخبار المدينة" (٢/ ٧٢٩)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٤٤٢) ــ ومن طريقه البيهقي في "المدخل" (٨٦)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ١٢٤) ــ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (٤١٧٦ - السفر الثالث) ــ ومن طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (١٦١٦) ــ، والبيهقي "السنن الكبير" (١٠/ ٣٤٨)، وفي "معرفة السنن" (٧/ ٥٦٣)، وجوّده ابن النحوي في "البدر المنير" (٩/ ٧٦١)، وقال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ٤٠٣): "وهذا الإسناد معدودٌ في أصح الأسانيد". ونحوُه في كتابه "الدراية" (٢/ ٨٨).