للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهؤلاء من الصحابة: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، وسهل بن حُنَيف، ومعاذ بن جبل، ومعاوية خال المؤمنين، وأبو موسى الأشعري - رضي الله عنهم - = يُخْرِجون الرأيَ عن العلم، ويذمُّونه، ويحذِّرون منه، وينهون عن الفتيا به. ومَن اضطُّر منهم إليه أخبَرَ أنه ظنٌّ، وأنه ليس على ثقة منه، وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان، وأنَّ الله ورسوله بريء منه، وأنَّ غايته أن يسوغ الأخذُ به عند الضرورة من غير لزوم لاتِّباعه ولا العمل به. فهل تجد عن أحد منهم قطٌّ (١) أنه جعَلَ رأيَ رجلٍ بعينه دينًا تُتْرَك له السُّننُ الثابتةُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويُبدَّع ويُضلَّل مَن خالفه إلى اتباع السُّنن؟

فهؤلاء يَزَكُ (٢) الإسلام، وعِصابة الإيمان، وأئمة الهدى، ومصابيح الدُّجى، وأنصَحُ الأئمة للأمة، وأعلَمُهم بالأحكام وأدلَّتها، وأفقَهُهم في دين الله، وأعمَقُهم علمًا، وأقلُّهم تكلفًا. وعليهم دارت الفتيا، وعنهم انتشر العلم، وأصحابهم هم فقهاء الأمة. ومنهم من كان مقيمًا بالكوفة كعلي وابن [٣٣/أ] مسعود، وبالمدينة كعمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت، وبالبصرة كأبي موسى الأشعري، وبالشام كمعاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وبمكة


(١) استعمل "قط" لغير الزمان الماضي، وهو لحن قديم. انظر: "درة الغواص" للحريري مع شرح الخفاجي ــ طبعة أبو ظبي (ص ١١٠). وانظر ما علَّقت على "طريق الهجرتين" (١/ ٤٣١).
(٢) كذا في جميع النسخ، وهو الصواب، وقد تقدَّم تفسيره في أول الكتاب. وفي النسخ المطبوعة: "برك". وهو تصحيف.