للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى السلامة من الفقيه ــ يريد المفتي ــ لأنَّ الفقيهَ مِن شأنه إصدارُ ما يرد عليه من ساعته بما حضره من القول، والقاضي شأنُه الأناة والتثبُّتُ. ومَن تأنَّى وتثبَّت تهيَّأ له من الصواب ما لا يتهيأ لصاحب البديئة (١). انتهى.

وقال غيره: المفتي أقرب إلى السلامة من القاضي، لأنه لا يُلْزِم بفتواه، وإنما يُخبِر بها من استفتاه، فإن شاء قبِل قوله، وإن شاء تركه. وأما القاضي فإنه يُلْزِم بقوله، فيشترك هو والمفتي في الإخبار عن الحكم، ويتميَّز القاضي بالإلزام به (٢) والقضاء، فهو من هذا الوجه خطرُه أشدُّ (٣).

ولهذا جاء في القاضي من الوعيد والتخويف ما لم يأت نظيرُه في المفتي، كما رواه أبو داود الطيالسي (٤) من حديث عائشة أنها ذُكِر عندها القضاةُ، فقالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يؤتى بالقاضي العدل يومَ القيامة، فيَلْقى من شدّة الحساب ما يتمنَّى أنه لم يقضِ بين اثنين في تمرةٍ قطُّ".


(١) كذا في جميع النسخ. وفي النسخ المطبوعة و"جامع بيان العلم": "البديهة"، وهما بمعنى.
(٢) "به" ساقط من ع.
(٣) نقله المناوي في "فيض القدير" (٤/ ٥٣٨) مختصرًا.
(٤) برقم (١٦٥٠). ورواه أحمد (٢٤٤٦٤)، والبخاري في "التاريخ الكبير" ٤/ ٢٨٢، والمرُّوذي في "أخبار الشيوخ" (١٣٥)، وابن أبي الدنيا في "الإشراف" (٩١)، ووكيع بن خلف في "أخبار القضاة" (١/ ٢٠ - ٢١)، والعقيلي في "الضعفاء" (٣/ ١٠٧، ٤/ ٣٥٣)، والطبراني في "الأوسط" (٢٦١٩)، وابن حبان (٥١١١)، والبيهقي (١٠/ ٩٦)، ومن طريقه الذهبي في السير (١٨/ ١٧٠)، وقال: غريبٌ جدّا اهـ. ويُتأمّل ما ذكره في ترجمة عمران بن حطان من "ميزان الاعتدال" (٣/ ٢٣٥).
وسنده ضعيف؛ عمرو بن العلاء اليشكري وصالح بن سرج مجهولا الحال.