للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا بيع محض.

والثاني: أن يسلِّمها، ويكون علفها وخدمتها عليه، ولبنها له مدة الإجارة. فهذا إجارة، وهو كضمان البستان سواء، وكالظئر فإن اللبن يستوفى شيئًا فشيئًا مع بقاء الأصل؛ فهو كاستئجار العين ليسقي بها أرضه. وقد نصَّ مالك على جواز إجارة الحيوان مدةً للبنه. ثم من أصحابه من جوَّز ذلك تبعًا لنصِّه، ومنهم من منعه، ومنهم من شرط فيه شروطًا ضيَّقوا بها موردَ النص ولم يدل عليها نصُّه. والصواب الجواز، وهو موجَب القياس المحض؛ فالمجوِّزون أسعد بالنص من المانعين. وبالله التوفيق.

فصل

ومن هذا الباب: قول القائل: حملُ العاقلة الديةَ عن الجاني على خلاف القياس. ولهذا لا تحمل العمد ولا العبد ولا الصلح ولا الاعتراف ولا ما دون الثلث، ولا تحمل جناية الأموال. ولو كانت على وفق القياس لحملت ذلك كلَّه.

والجواب أن يقال: لا ريب أن من أتلف مضمونًا كان ضمانه عليه، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]، ولا تؤخذ نفسٌ بجريرة غيرها؛ وبهذا جاء شرع الله [٢٥٤/ب] سبحانه وجزاؤه. وحملُ العاقلة الدية غير مناقض لشيء من هذا كما سنبيِّنه. والناس متنازعون في العقل: هل تحمله العاقلة ابتداءً أو تحمُّلًا؟ على قولين، كما تنازعوا في صدقة الفطر التي يجب أداؤها عن الغير كالزوجة والولد، هل تجب ابتداءً أو تحمُّلًا؟ على قولين. وعلى ذلك ينبني ما لو أخرجها من تحمَّلت عنه عن نفسه بغير إذن المتحمل لها؛ فمن قال هي واجبة على الغير تحمُّلًا قال: يجزئ في هذه الصورة. ومن