للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكما يجوز أن تكون فائدة الوقف منفعةً كالسكنى، وأن تكون ثمرةً، وأن تكون لبنًا كوقف الماشية للانتفاع بلبنها، وكذلك في باب التبرعات كالعارية لمن ينتفع بالمتاع ثم يردُّه، والعريُّة لمن يأكل ثمرة (١) الشجرة ثم يردها، والمنيحة لمن يشرب لبن الشاة ثم يردُّها، والقرض لمن ينتفع بالدراهم ثم يردُّ بدلها القائمَ مقامَ عينها= فكذلك في الإجارة تارةً يكريه العين للمنفعة التي ليست أعيانًا، وتارةً للعين التي تحدث شيئًا من بعد شيء مع بقاء الأصل كلبن الظئر ونفع البئر؛ فإن هذه الأعيان لما كانت تحدث شيئًا بعد شيء مع بقاء الأصل كانت كالمنفعة. والمسوِّغ للإجارة هو ما بينهما من القدر المشترك، وهو حدوث المقصود بالعقد شيئًا فشيئًا، سواء كان الحادث عينًا أو منفعةً. وكونه (٢) جسمًا أو معنًى قائمًا بالجسم لا أثر له في الجواز والمنع مع اشتراكهما (٣) في المقتضي للجواز. بل هذا النوع [٢٥٤/أ] من الأعيان الحادثة شيئًا فشيئًا أحقُّ بالجواز، فإن الأجسام أكمل من صفاتها. وطردُ هذا القياس جواز إجارة الحيوان غير الآدمي لرضاعه، فإن الحاجة تدعو إليه كما تدعو إليه في الظئر من الآدميين بطعامها وكسوتها. ويجوز (٤) استئجار الظئر من البهائم بعلَفها.

والماشية إذا عاوض على لبنها، فهو نوعان:

أحدهما: أن يشتري اللبن مدةً، ويكون العلف والخدمة على البائع،


(١) ع: «ثمر»، وكذا في النسخ المطبوعة.
(٢) في النسخ: «أو»، وهو خطأ.
(٣) ح، ف: «من اشتراكهما»، وهو خطأ.
(٤) «يجوز» ساقط من ت، ع.