للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُدِّر أن التلف لم يكن بتفريطه فليس فيه أنه طلب الفسخ وأن توضع عنه الجائحة، بل لعله رضي بالمبيع ولم يطلب الوضع، والحق في ذلك له: إن شاء طلبه، وإن شاء تركه. فأين في الحديث أنه طلب ذلك، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منَعَه منه؟ ولا يتمُّ الدليل إلا بثبوت المقدمتين، فكيف يُعارَض نصُّ قوله الصحيح الصريح المحكم الذي لا يحتمل غير معنى واحد وهو نصٌّ فيه بهذا الحديث المتشابه؟ ثم قوله فيه: «ليس لكم إلا ذلك» دليل على أنه لم يبقَ لبائعي الثمار من ذمة المشتري غيرُ ما أخذه (١)، وعندكم المال كله في ذمته؛ فالحديث حجة عليكم.

وأما المعارضة بحديث مالك فمن أبطل المعارضات وأفسدِها، فأين فيه أنه أصابته جائحة بوجهٍ ما؟ وإنما فيه أنه عالجه وأقام عليه حتى تبيَّن له النقصان، ومثل هذا لا يكون سببًا لوضع الثمن، وبالله التوفيق.

المثال الخامس والأربعون: [٩٥/أ] ردُّ السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في وجوب الإعادة على من صلّى خلف الصف وحده، كما في «المسند» بإسناد صحيح و «صحيحي ابن حبان وابن خزيمة» عن علي بن شيبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلِّي خلفَ الصف، فوقف حتى انصرف الرجل، فقال له: «استقبلْ صلاتَك، فلا صلاةَ لفردٍ خلفَ الصفّ» (٢).


(١) ع: «أخذوه».
(٢) رواه أحمد (١٦٢٩٧) وابن ماجه (١٠٠٣)، وصححه ابن خزيمة (١٥٦٩) وابن حبان (٢٢٠٢). قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حديث ملازم بن عمرو ــ يعني هذا الحديث ــ في هذا أيضًا حسنٌ؟ قال: نعم. انظر: «المغني» (٣/ ١٥٥) و «الإرواء» (٢/ ٣٢٩).